لم تعد الوقائع الميدانية، والمناورات الديبلوماسية، والتسريبات الاعلامية، تحتاج الى تفسيرات او تأويلات، فما يحصل ضغط اميركي – اسرائيلي بالنار على المقاومة والدولة اللبنانية لفرض اتفاق غير متوازن، ترجمته العملية الاستسلام لقضاء وقدر حكومة اليمين المتطرفة التي يواصل جيشها حرب الابادة المفتوحة وفق اجندة دولية – اقليمية للقضاء على حركات المقاومة في المنطقة تمهيدا لشن عدوان كبير على ايران يسعى رئيس حكومة العدو «لانهاء المهمة» في الفترة الفاصلة التي تسبق تسلم دونالد ترامب لمنصبه في كانون الثاني المقبل.
الترجمة العملية لهذه المهمة «القذرة» ترجمت ميدانيا بغارات انتقامية على الابنية السكنية في النبطية، وبعلبك، وصور، ومحاولات غزو بري، تزامنا مع تحرك اميركي عبر السفيرة في بيروت لجس نبض لبنان ازاء شروط وقف النار. وكانت الحصة الكبرى للضاحية الجنوبية، إذ تجاوزت الغارات الاربعين غارة خلال ساعات معدودة حيث توسعت الاستهدافات لتشمل على نحو كثيف منطقتي الغبيري والشياح، وقد استهدفت قوات الاحتلال طواقم اسعافية في عربصاليم في الجنوب، ودورس في البقاع، حيث سقط عشرات الشهداء والجرحى في صفوفهم، فيما تحاول قوات العدو التوغل برا الى عمق نحو 7 كلم من ثلاثة محاور وتواجه مقاومة شديدة ادت الى سقوط عشرات القتلى والجرحى من ضباط جنود الاحتلال، ودفعت وسائل اعلام العدو الى التساؤل عن جدوى الكلفة العالية فيما لا تزال صواريخ ومسيرات حزب الله تضرب العمق الصهيوني، وسط شكوك كبيرة في قدرة جيش الاحتلال على تنفيذ المهمة.
هدية لترامب
وهكذا، فان الحديث عن كون وقف النار المفترض سيكون»هدية» من نتانياهو لترامب قبيل موعد تنصيبه، يحمل في طياته الكثير من الدماء والدموع والخراب في لبنان، وسيدفع العدو ايضا الكثير من الدماء والخراب والدموع في ظل الاحداث الصعبة المتتالية مع بدء الجيش الاسرائيلي المرحلة الثانية من توغله، وكان لافتا الاعلان عن تجهيز 600 قبر لجنود الاحتلال في مقبرة مستحدثة في القدس المحتلة. وبحسب صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية فان مساعدًا مقرّبًا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخبر ترامب وصهره جاريد كوشنر أن إسرائيل تعمل على خطة وقف إطلاق النار في لبنان، بهدف تقديم إنجاز مبكّر في السياسة الخارجية للرئيس المنتخب. وقال مسؤول إسرائيلي: هناك تفاهم على أن إسرائيل ستقدّم هدية ما لترامب، وأن هناك تفاهمًا بشأن لبنان بحلول كانون الثاني.
لا راية بيضاء
لكن لن تحصل اسرائيل ومعها اميركا على رفع «للراية البيضاء» بعدما دفعت المقاومة وبيئتها اثمانا كبيرة ولم يعد لديها ما تخسره، وهو امر ابلغه رئيس مجلس النواب نبيه بري الى السفيرة الاميركية ليزا جونسن امس، والتي حملت معها المسودة الاميركية الاسرائيلية، التي لم تحمل وفق مصادر اميركية اشارات واضحة حول تعديلات على ال1701، لكن بري ابلغها مجددا رفض اي تعديل للقرار 1701، ووفق مصادر مطلعة، كان بري واضحا في كلامه وابلغ جونسن التي كانت تراهن على ليونة ما تسمح بعودة عاموس هوكشتاين الى بيروت،» ان الرهان على المزيد من القتل والتدمير لن يجدي نفعا، والاصرار على حصول اسرائيل على حرية التحرك داخل لبنان طرح غير واقعي، ولا ينسجم ابدا مع موازين القوى على الارض، ولن تجد واشنطن من يقبله مهما طال الزمن، واذا كانت اسرائيل قادرة على تحمل كلفة الاحتلال مجددا فعليها ان تتحمل مسؤولية مغامراتها الدموية». اما اذا تم الالتزام بالافكار التي نوقشت مع هوكشتاين دون اي تعديلات فان الامر قابل للتطبيق، ويبقى الخوف من التفاصيل حيث تكمن «الشياطين»، اما مسألة الهدنة المؤقتة، فلها شروط غير واضحة حتى الان.
الترويج لوقف النار
في هذا الوقت، واصل اعلام العدو الترويج لوقف للنار قريب مع لبنان، واشارت القناة 12 الإسرائيلية الى أنّ إسرائيل تنتظر ردّاً لبنانيّاً على مقترح لوقف إطلاق النار خلال 24 ساعة. واشارت الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سيناقشان مع حزب الله المقترح الأميركي لوقف النار.